أوبرا الجزائر ...كلام
في العمارة
مر حوالي عامين على تدشين أوبرا الجزائر، هذا
المعلم المعماري والثقافي، كان هدية من جمهورية الصين الشعبية للجزائر، حيث قامت
سفارة الصين في العاصمة بتمويل و متابعة و إنجاز المشروع، كما أوكلت عملية الانجاز
للمجوعة الصينية بيجينق.
يعود تاريخ إمضاء الاتفاقية انجاز المشروع الى
سنة 2010، بين سفارة الصين من جهة و وزارة الثقافة من جهة أخرى في عهد الوزيرة
السابقة خليدة تومي. المشروع يحمل عدة معاني و رمزيات تاريخية و ثقافية تؤكد و
تعززالعلاقة التاريخية بين الشعبين الصيني والجزائري، و هو ثمرة للعلاقة
الاستراتيجية بين البلدين حاليا و تاريخيا، فمن منا ينسى الدعم المادي و بالسلاح
لثورة التحرير وكذلك دعمها سياسيا في المحافل الدولية.
يقع
المشروع غرب العاصمة في بلدية أولاد فايت على بعت أمتار من الطريق السريع لبن
عكنون، و كذلك على واجهة الطريق الاجتنابية الجديدة التي تربط الشراقة بالدويرة
مرورا ببابا حسان. تقدر مساحة الارضية المخصصة للمشروع بحوالي أربع هكتارات، الارض
فلاحية للاسف و يتوسط المشروع عدة مزارع و بيوت بلاستيكية، قدرت تكلفة المشروع
بحولي ثلاثين مليون دولار، في مدة انجاز لم تتعدى الثالث سنوات، القاعة بسعة 1400
مقعد، و بمساحة مبنية تقدر بي 18000 متر مبع مغطاة.
بعد
هذا التقديم المختصر للمشروع ننتقل الى الجانب المعماري لب هذا المقال، سأركز في
نقدي هذا على الجانب الخارجي للمبني من حيث الواجهات و لغتها و و قراءتي الشخصية
لفلسفة هذا المشروع.
المبنى
عبارة عن مكعب كبير أو بالاحرى متوازي ومستطيلات، أصر اللون في مجمله يتوسط الموقع
محاط بمواقف سيارات و حدائق بالاظافة الى مساحات مائية و نافورات، يرتفع حوالي 12
متر أو أربع طوابق، واجهته مسطحة ترسمها مستطيلات منتظمة الشكل و مرتبة الحضور من
الأعلى حتى منتصف ارتفاع المبنى، هذا على كل الواجهات الأربعة للمبنى، النصف
السفلي هو كذالك عبارة عن متوازي مستطيلات كبير من زجاج شفاف يغطيه متوازي المستطيلات
الأصفر الغامق حتى المنتصف، الانتقال من
الصلب الى الشفاف ترجم على شكل تموجات و انحناءات حيث يندثر الصلب الغامق و يفسح
المجال للواجهة الزجاجية في الاسفل، هذا الانتقال من الصلب الحاجب الى الشفاف كان
ناجحا في نظري لأنه كسر الاستقامة , النتظيم ترتيب ايقاع الواجهتين الزجاجية و الصفراء
الحاجبة بنقيضهما الهندسي ألا و هي التموجات و الانحناءات، هذا ما يجعل الناظر
يركز على التموج في الواجهة بدل الانتقال من النقيض لنقيض.
الجدار
الحاجب الأصفر يغطي المكعب الزجاجي و
يتعداه ليخرج على بعدة امتار كمظلة تحميه من الشمس، خاصة في الجهة الجنوبية ، نفس
الجدار الاصفر يتقعر الى الداخل و في منتصف الواجهتين اللتين تحويان المدخلين
الرئيسيين للمبنى، كي يعلم المدخلين جيدا للزوار في داخل الساحة و كذلك للناظر
للمبنى من بعيد "échelle de
la ville et "échelle de l’homme
البعض من زملائي المهندسين ينتقدون عدم بهجة
الواجهة و فقرها المعماري، من حيث غياب أو نقص اللعب على الفراغ و الصلب و سيطرة و
تدليل الداخل مقارنة بالخارج، من حيث الغنى المعماري و الجمالي للداخل البناية مقارنة
بخارجها، شخصيا رأيت أن هذا التساؤل مشروع في الوهلة الاولى لكن بعد التمعن غيرت
رأي، وتذكرت ان هذا الاسلوب و فلسفة البناء كانت دائما موجودة في هندستنا المعمارة
الجزائرية القديمة خاصة الحقبة التركية "القصبة"، حتى المهندس المعماري
الكبير بيون وجد صعوبتا اسقاط هذه المعضلة المعمارية في مشاريعه. اهتم بناءو القصبة بالداخل اكثر من الخارج
فالحياة كانت في داخل الفناء و ما يحيط به ، لعل اكبر دليل على ذلك حصن 23 في أسفل
القصبة, فمن يراه من الخارج لا يخول له انه حصن او قلعة للأمراء بل مجرد بناء عادي
و لكن بمجرد المرور من الباب تتغير نظرتك و تصاب بدهشة هذه التناقضات الجميلة، الاهتمام
بالداخل أكثر من الخارج ان الخارج كان
فكرة مهندس المشروع الرئيسة، رغم ان الخارج اعطي حقه في نظري من خلال ما ذكرت سالف
في تحليلي للواجهات.
يضاف الى ذلك موقع المبنى الذي تحيط به مزارع،
واقرب البنايات لا تملك اي قوة معمارية و هي عبارة عن فيلات خاصة يغلب عليها
احمرار الياجور، بمعنى اخر لا توجد مرجعية معمارية قد تؤثر على تشكيل المبنى في
محيطه "pas de référence proche " ، لذا توجه مهندس المشروع للمرجعية العامة و
الجماعية للباء العاصمي الجزائري، ألا وهي الانفتاح على الداخل " eintra-verti ".
هذا أهم نقد استطيع توجيهه للمشروع أرجو ان
تثروا الموضوع بتعليقاتكم و شكرا
عبد المؤمن -أ
وصف ناجح
ردحذفشكرا
حذفmlih
ردحذفverry nice
ردحذف